تاريخ البرلمان المصري من عهد محمد علي إلى "السيسي"
لم يشارك المصريين ولو لمرة واحدة، في الحكم النيابي والتشريعي، أثناء الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون متتالية، ولم يتعرف المصريون على الحكم النيابي إلا بعد مجيء الحملة الفرنسية، فباتت رغبتهم منذ ذلك الوقت ببناء كيانهم المستقل، ويعد البرلمان المصري أقدم صورة تشريعية للحكم في مصر والوطن العربي كله، وتمثل المؤسسات النيابية ركنًا هامًا من أركان الديمقراطية التي تعبر عن "مكانة مصر".
"نواة فكرة البرلمان عهد محمد علي"
تم إنشاء أول حياة نيابية في مصر في عهد محمد علي عام 1829، ووضعه للائحة الأساسية للمجلس الأعلى، وأقام مجلس للمشورة، كان الغرض منه توطيد العلاقة وتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وقد تكون هذا المجلس من كبار التجار والأعيان والعمد والمشايخ و العلماء، وكانت وظيفته الأساسية إبداء الرأي في المسائل الإدارية العامة دون أن يلتزم محمد علي باشا بتنفيذها، فكان رأي المجلس استشاري فقط، وبعد انقضاء حكم محمد علي بوفاته، تعطل هذا المجلس.
أول مجلس شوري النواب "عهد إسماعيل"
جاء الخديوي إسماعيل، في ٢٢ أكتوبر ١٨٦٦ ليقوم بإنشاء أول برلمان نيابي تمثيلي بالمعنى الحقيقي، وهو "مجلس شورى النواب"، ويتكون من 75 نائب ينتخبهم الشعب من طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية كل ثلاث سنوات، والتي تقوم بتمثيل جمهور الناخبين والتعبير عن مصالحهم في مواجهة السلطة التنفيذية، من أجل إقامة الحياة النيابية السليمة التي تعبر تعبيرًا حقيقيًّا عن مصالح وتطلعات الشعب المصري بمختلف طوائفه، وكان رأي هذه المجلس استشاريًا أيضًا وليس إلزاميًا، ولكن هذا المجلس واكب ظهور الرأي العام المصري الذي تشكل مع ظهور الصحافة المصرية، ولعب مجلس شورى النواب دورًا مناهضًا للتدخل الأجنبي في شؤون البلاد أثناء أزمة الديون الخارجية، وهو الذي جاء ليتولى وزارة مالية مصر نتيجة الضغط على الخديوي من قبل الباب العالي والدائنين الأجانب.
"عهد توفيق"
تحوّل مجلس شورى النواب في عهد الخديوي توفيق إلى مجلس النواب المصري عام ١٨٨١، والذي كان يعد تعبيرًا حقيقيًّا عن ما تمناه أعضاء مجلس النواب للنظام السياسي المصري، ونال المجلس عدة حقوق جعلتها بالفعل مناصفة مع الخديوي، بالإضافة إلى حق إقرار الضرائب والمسائل المالية بعد مناقشتها والتصويت عليها، فكان ذلك يبشر بقيام حياة نيابية نشطة ومن ثم قيام نظام ديمقراطي يكون الأول من نوعه في مصر، ولكن جاء قرار الإنجليز والقوى الأوروبية للسيطرة على مصر وقناة السويس، وأرادت هدم النظام النيابي بدعوى تهدئة الأحوال في مصر، واستبدال نظام آخر به تمثل في "مجالس قانوني" أول مايو سنة 1883، وقد قام بوضعه اللورد دفرين، ما أدى إلى انتكاسة الحياة النيابية.
"دستور 1923"
يعتبر أول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة الحكومة و سحب الثقة منها، ولا تستطيع الحكومة أو الملك سن أي قوانين أو تشريعات جديدة قبل عرضها علي المجلس و التصويت عليها إما بالرفض أو القبول،وقد صدر هذا الدستور بعد الاعتراف الرسمي من قبل بريطانيا بأن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وهو الأمر الذي لم يكن متوفراً من قبل وقد تكوّن البرلمان في ظل هذا الدستور من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
ولكن هذه المجلس أيضًا لم يكن مثالية، فقد حدد من سلطاته حق الملك في إقالة الحكومة وحل المجلس في أي وقت، وهو ما حدث بالفعل في معظم الأحيان، كما أن الصراع الحزبي بين حزب الأغلبية وأحزاب الأقلية قد بلغ درجة عالية في المجلس فضاعت معه أصوات المنادين بمصلحة الوطن، وتم إلغاء هذا الدستور.
"دستور 1930م "
سمي بدستور الملك، فقد اعطي الملك الكثير من الصلاحيات، ولذلك لم يدم طويلا، بسبب تزايد الضغط على الملك لرفض مصر كلها له وللنظام السياسي الذي قام على أساسه، وفي 19 ديسمبر سنة 1935 صدر الأمر الملكي رقم 142 لسنة 1935 والذي قضى بإعادة العمل بدستور سنة 1923م.
" دستور يوليو 1952"
ظل دستور 1923م هو الدستور السائد في البلاد حتي قامت الثورة في يوليو 1952م، وبعد قيام ثورة 23 يوليو، شُكّل أول مجلس نيابي في ظل الثورة، وقد أطلق عليه اسم مجلس الأمة، واستمر هذا المجلس حتى فبراير 1958، وذلك عقب الوحدة مع سوريا. وقد استمر مجلس الأمة المشترك، حتى ٢٢ يونية ١٩٦١، وبمجرد سقوط الوحدة بين مصر وسوريا، وفي ١٩٦٤ صدر دستور مؤقت، ومع تولي الرئيس الراحل محمد أنور السادات الحكم دعا مجلس الأمة في ٢٠ مايو ١٩٧١ لإعداد دستور جمهورية مصر العربية الدائم وعرضه على الشعب في الاستفتاء، وفي يوم ١١ سبتمبر ١٩٧١ صدر دستور جمهورية مصر العربية الدائم، ثم جاء الأستفتاء الذي جرى إبريل ١٩٧٩، والذي وافق فيه الشعب المصري على إنشاء "مجلس الشورى"، وعقد مجلس الشورى أولى جلساته في أول نوفمبر ١٩٨٠، ومعه عادت فكرة وجود مجلسين تشريعيين في الحياة النيابية المصرية.
" من بعد ثورة يناير وحتى الآن "
عقب ثورة 25 يناير جرى تعديل قانون انتخاب مجلس الشعب والشورى رقم 38 لسنة 1972 ليصبح انتخاب ثلثى أعضاء مجلس الشعب بنظام القوائم الحزبية المغلقة والثلث الآخر بالنظام الفردى، كما أصبح عدد أعضاء المجلس 498 عضوا يختارون بطريق الانتخاب المباشر السرى العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، فضلا على 10 نواب على الكثر يجوز لرئيس الجمهورية تعيينهم.
وبناء على التعديلات الدستورية التى أعقبت أحداث 30 يونيو ألغى مجلس الشورى، وعادت أمور التشريع لغرفة واحدة منتخبة تحت اسم مجلس النواب، ويُشكل مجلس نواب من 600 عضو، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين ما لا يزيد على (5%) من أعضائه، ونتخب 20% منه بنظام القائمة المغلقة تقسم فيها الجمهورية لأربعة قوائم فقط، و80% بنظام الفردى
No comments:
Post a Comment