Sunday, July 17, 2016

تاريخ الانقلابات العسكرية في تركيا.............ادخل وشوف تاريخ تركيا الحافل لا يفوتك

الأتراك عرق بطبيعته محب للقوة والفتوة والأعمال العسكرية، ينبهر بالشجاعة والسطوة، لذلك استعان بهم الخلفاء العباسيون ابتداء من عهد المأمون العباسي، حتى كثرت أعدادهم داخل بغداد، فبنى المعتصم مدينة (سامراء) اتقاء لشر تجمعهم في مكان واحد، وابتداء من سنة 247 هـ أصبح القادة العسكريون الأتراك هم المسيطرون الفعليون على مقاليد الخلافة، يعيّنون من يشاؤون من الخلفاء ويعزلون من يشاؤون. فالعنصر التركي الذي استعانت به الدولة الإسلامية كانت إسهاماته الأولى في الجانب العسكري، وكانت نتيجة طبيعية أن يلعب الجانب العسكري دورًا فاعلاً عند السلاجقة أو العثمانيين الذين كانوا أصلًا يسمون سلاجقة الروم، وكانت دولتهم في تخوم الدولة البيزنطية والذين أعجبهم لقب غازي الذي خلعه عليهم السلاجقة لمواصلتهم الجهاد تجاه الدولة البيزنطية.

عندما قامت دولتهم على أنقاض دولة السلاجقة، كان العامل العسكري هو الأقوى في توحيد المنطقة، ومن ثم مواصلة الغزو غربًا ليجتاحوا أوروبا الشرقية وينهوا الدولة البيزنطية ويُدخلوا الإسلام إلى ربوع أوروبا حتى أبواب فيينا. وقد أثر نظام الجيش حتى في النظام الإداري المدني في الأماكن المفتوحة، فكانت الوحدة الإدارية الأساس تسمى (السنجق) والتي تعني اللواء، هذا اللواء أو السنجق هو الذي يقوم على السلطة السياسية والعسكرية، وفي الأغلب الأعم كانت الطبقة الإدارية من العسكريين، فمنصب الصدر الأعظم الذي كان بمنزلة رئيس الوزراء يكون من هذه الطبقة، والدولة العثمانية منذ بدايتها حتى نهايتها نجد أن الجيش كان عنصرًا مهمًا في التغيرات السياسية التي طرأت عليها. وظل "الانكشارية" أو الجيش الجديد صاحب كلمة الفصل في تعيين الخلفاء العثمانيين وعزلهم لأكثر من قرنين من تاريخ الدولة العثمانية.

لذلك؛ كان من الطبيعي عندما تسقط الخلافة العثمانية وتحل مكانها دولة تركيا المعاصرة، أن يكون الجيش هو حامل أختام الحكم والسلطة، وذلك بعد أن اخترقته المنظمات الماسونية والأفكار الطورانية والجماعات اليهودية، فصار الجيش التركي حامي حمى اللادينية والقومية والشعوبية، ويمكن القول: إن فترة أتاتورك (1923-1938م) لم تشهد أي تدخلات انقلابية من الجيش لتغيير نظام الحكم، بل كان الجيش هو حامي ذلك النظام ووسيلته لبسط الاستقرار على مدى 15 عامًا، في ظل هيمنة حزب سياسي وحيد خرج من رحم العسكرية الأتاتوركية هو حزب (الشعب الجمهوري).

خلال الفترة الممتدة من سنة 1960م حتى سنة 1995م شهدت تركيا عدة انقلابات عسكرية، جميعها قام بها العسكر التركي لسبب واحد فقط، وهو (قطع الطريق على أي محاولات للإحياء الإسلامي) والحفاظ على مبادئ أتاتورك والعلمانية المتطرفة في تركيا، هذه الانقلابات العسكرية جاءت كالتالي:


1- انقلاب سنة 1960م، حيث تدخل الجيش الذي أعلن قائده آنذاك ألب أرسلان تركش في يوم 27 مايو 1960م، أن الجيش قد سيطر على مقاليد إدارة البلاد. نتيجة لذلك شكلت محاكمات قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس بتهمة الانحراف عن مبادئ أتاتورك واعتناق الأفكار الرجعية؛ لأنه أعاد الأذان بالعربية، كما حكم على رئيس البلاد جمال بيار بالسجن مدى الحياة.

2- انقلاب 1971م، وفيه انقلب الجيش بسبب خسارة حزب الشعب الانتخابات لصالح حزب العدالة الذي يميل لناحية المحافظين، فانقلب الجيش وألغى الانتخابات وسيطر على المشهد مع حزب الشعب.

3- انقلاب كنعان إفرين سنة 1980م، وجاء أيضًا للسبب نفسه السابق وهو فشل حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات، وهكذا دأبُ الفاشلين سياسيًا في كل زمان ومكان يبحثون عن ظهر دبابة يعتلونها لاقتحام المشهد السياسي. بعد الفشل الذي جناه حزب الشعب لم يبقَ أمامه سوى التآمر مع العسكر لقلب نظام الحكم، وقاموا بالانقلاب 12/9/1980 بقيادة كنعان إفرين، الذي علق الدستور وأعلن الأحكام العرفية في تركيا، وحكم البلاد مباشرة دون غطاء مدني، وأصدرت المؤسسة العسكرية قرارًا بتعليق نشاط الأحزاب ثم حلها، كما أصدرت دستورًا جديدًا في 12/9/1982 مُنح بموجبه رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة لم يتمتع بها أي رئيس جمهورية تركية قبل ذلك، وتضمن دستور م1982 نصًا صريحًا في المادة 13 على حظر الأحزاب الدينية والفاشية والاشتراكية، وبذلك تم حظر الأحزاب المناوئة لحزب الشعب والعلمانية، وحاول العسكر بهذه الإجراءات إعادة ترسيم الخريطة التركية جغرافيًا وسكانيًا ودينيًا ومذهبيًا وحزبيًا. وفي المقابل سُرّت أوروبا بهذه الخطوات وكافأت الانقلابيين بدعم لا محدود وقبول تركيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي.

4- انقلاب العسكر في 1996م، وفيها انقلب العسكر على أول حكومة إسلامية بقيادة نجم الدين أربكان، زعيم حزب الرفاه الإسلامي الذي فاز في الانتخابات في أواخر 1995م، وشرع في إدخال إصلاحات سريعة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التركية، ما أغضب العلمانيين ودعاهم إلى تحريك الأذرع العسكرية ضد الحكومة المنتخبة، فلم يمهله الجيش سوى شهور قليلة وانقلب عليه في أواسط 1996م، وباستخدام دستور 1982م، وبتفسير مواده على أساس أن أربكان يسعى إلى تطبيق الشريعة وإعادة النظام الرجعي، فحُظر الحزب، وأُدخل أربكان وكبار معاونيه السجن، وعُزل معظم قادة الحزب سياسيًا.

5-وأخيرًا انقلاب الساعات الأخيرة أمس الجمعة 15 يوليو 2016 والذي استمر نحو 5 ساعات وانتهى بالفشل وقُبض على قادته وقتل البعض الآخر منهم.

No comments:

Post a Comment