Monday, August 10, 2015

ذكريات د.محمود جامع وزعماء مصر ............. كلام خطير ادخل لا يفوتك




ذكريات د.محمود جامع وزعماء مصر 

انبهر بأفكار جماعة "الإخوان المسلمين" وعمره 16 عاماً، عندما كان طالباً في المرحلة الثانوية كجمعية دينية خيرية تعلم الشباب الرياضة وحفظ القرآن فانضم إليها، لكن سرعان ما انكشفت أهدافها الخفية في اعتناقها أساليب الاغتيالات والعنف لتحقيق مآربها، فقطع علاقته بها وهو طالب في بكالوريوس طب.. إنه المفكر الكبير وأستاذ أمراض الجلدية الشهير الدكتور محمود جامع (83 سنة)، الذي عايش أحداثا سياسية مهمة في تاريخ مصر الحديث، وكان مقربا للرئيس الراحل أنور السادات، وعاش معه سنوات الشقاء والرخاء، ورأي عن قرب ما كان يحدث خلف الستار والكواليس من صراعات ووشايات ومؤامرات.. وبعد اغتيال السادات، وفور تولي حسني مبارك الحكم أمر بالقبض عليه، ووضع أمواله وأسرته تحت الحراسة، حتي برأته محكمة أمن الدولة العليا من التهم المنسوبة إليه، ثم استقبله مبارك وصالحه بمكتب محافظ الغربية وطلب منه مسامحته.
الدكتور محمود جامع يفتح خزائن أسراره لـ «آخر ساعة» ويروي أسرار كل ماجري بعد أن شهد أحداثا متلاحقة، وعاصر عهود رؤساء جمهوريات مصر، ويدعو للرئيس عبدالفتاح السيسي بأن يعينه في مهمته الصعبة بعد تسلمه تركة ثقيلة، وأن تترجم قرارات مؤتمر شرم الشيخ لمشروعات عملية وتدخل حيز التنفيذ.
السادات كان يخشي عبدالناصر.. وجيهان سبب خلافي مع مبارك منذ السبعينيات
< متي انضممت لجماعة الإخوان المسلمين؟
- كان ذلك عام 1946 لأنني كنت قد سمعت خطبة حسن البنا وأعجبت به رغم أن عمري في ذلك الوقت 16 سنة، علي أساس أنها جمعية دينية خيرية تعلم الشباب الرياضة وقراءة القرآن وحفظه، وسائر الأمور الدينية والاجتماعية، وحماية الشباب في سن المراهقة من الانحراف.


< ولماذا قطعت علاقتك بالجماعة رغم أنك كنت عضوا بارزا؟
- كانت لها ظروف خاصة هي عدم موافقتي إطلاقا علي أعمال العنف، كان ذلك عام 1954، من اغتيال النقراشي، وباقي حوادث الانفجارات والعنف، كمقتل الخازندار، وغيرها، لأنني بطبيعتي أكره وأرفض أساليب العنف في تطبيق الم
< اختلف الإخوان مع كل عهد بداية من حكم جمال عبدالناصر حتي الآن.. ما هو السبب؟
- الاختلاف كله بسبب حب سيطرة الإخوان علي أجهزة الحكم المختلفة.
< وعندما تولوا مقاليد الحكم فشلوا فشلا ذريعا.. أليس كذلك؟
- فشل الإخوان في حكم مصر لأن بلادنا تحتاج إلي أسلوب خاص من الشد والجذب في نظام الحكم، وهذا يتعارض مع مبادئ الإخوان بالسمع والطاعة وتطبيق أي أوامر دون مناقشة.
< كنت مقربا من الرئيس الراحل السادات.. حدثني عن شخصيته كما عرفتها عن قرب؟
- هو رجل بطبيعته مكافح ومجاهد ووطني، وكاره للاستعمار بكل صوره وأشكاله، ويعشق تراب مصر، ونشأ فقيرا وذاق مرارة الحرمان والسجن والتشريد، وفصل من الخدمة في شبابه، وانضم لتنظيمات سرية كثيرة، وقام فيها بنشاطات ملحوظة، واضطرته الظروف لأن يكون سجينا أو خارج السجن، يعمل سائقا أو «حمالا» علي عربة نقل، فذاق مرارة الظلم والحرمان. السادات فيه شهامة الفلاح المصري الأصيل المحب لأهله وعشيرته، وكان يساعدهم كثيرا في حدود المستطاع.
< كيف كانت علاقة السادات بعبدالناصر علي مدي تاريخهما الطويل معا؟
- هي علاقة سياسية، وليست علاقة عاطفة أو صداقة، تتغير بين حين وآخر، وكان من الذكاء والدهاء أن عرف حقيقة شخصية عبدالناصر، فلم يصطدم به طوال حياته، وكان معه كالحمل الوديع، ونفذ ما قاله له في أول اجتماع بمجلس قيادة الثورة أن صوتي في جيبك معك في كل قراراتك، وهذا ماحدث بالفعل.

< هل كان السادات يكره عبدالناصر فعلا؟
- كان يخشي عبدالناصر، ويريد أن يتقي شره بقدر الإمكان.
< هل كانت هناك شخصيات يكرهها السادات؟
- كان يكره علي صبري، وشعراوي جمعة، وسامي شرف، بسبب التنافس علي السلطة، واستحواذهم علي كل مقومات السلطة، وهمشوا السادات، لا يؤخد رأيه في أي قضية، ولايستشيرونه، كان مهمشا بالنسبة لهم، ولذلك كان يكرههم.
< هل كانت السيدة جيهان سببا لخلاف بينك وبين السادات (رحمه الله)؟
- لم يحدث أي خلاف بيني وبين أنور السادات طوال حياتنا، ولكنها كانت السبب في الخلاف بيني وبين حسني مبارك في أواخر السبعينات عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية في آخر أيام السادات مما تسبب في أن حسني مبارك أدخلني السجن بعد وفاة السادات مباشرة، وفصلني من العمل كوكيل أول وزارة الصحة للتأمين الصحي، ووضع أموالي وأموال أولادي وأسرتي تحت الحراسة بسبب أذكره لأول مرة: استدعاني النائب حسني مبارك بقصر الطاهرة قبل وفاة السادات بشهور، وقال لي بالحرف الواحد: أنا عيني عليك يا محمود.. ومعجب بك، وأعرض عليك أن تعمل معي في مكتبي، لا كسكرتير خاص.. ولا كمدير مكتب، ولكن غرفتك بجوار مكتبي، ومفتوح بيننا الباب، وأوراقي بالكامل ستكون معك، وبشرط أن تغلق عيادتك الخاصة في طنطا، وسأخصص لك شقة تمليك من شقق الحراسة بمصر الجديدة باسمك، وسيارة «مرسيدس» خاصة ومرتبا مغرياً.
ثم نظر إليّ بعينيه الواسعتين المركزتين علي وجهي وقال لي بالحرف الواحد: ورزقي.. ورزقك علي الله، وأنا أحبك يا محمود، وأريد موافقتك الآن، فاعتذرت بأدب شديد، وكل منا أصر علي رأيه، فضرب كفا علي كف عندما صممت علي الاعتذار بأدب، وشاكرا لثقته الغالية، فنظر مرة أخري بعينيه وضرب كفا علي كف.
< وماذا حدث بعد ذلك؟
- مرت الأيام، وكنت عضوا بمجلس الشوري، عام 1981، كنت استقل سيارتي أثناء مروري بشارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة، ففوجئت بصديق عزيز يعمل بالمخابرات العامة في مركز هام ومرموق، أشار إليّ في السيارة بأن أتبعه إلي مكتبه بالمخابرات العامة بالقبة، وهناك في مكتبه أخرج لي خطابا موجها من رئيس الجمهورية حسني مبارك إلي مدير المخابرات العامة ووزير الداخلية (قطاع أمن الدولة)، والمدعي الاشتراكي، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات للتحري والإفادة بدقة عن أملاك وثروة الدكتور محمود معوض جامع وزوجته وأولاده (بالاسم) من عقارات، وأموال سائلة ومنقولة، وعن مدي مشاركته للسيدة جيهان السادات، أرملة الرئيس الراحل أنور السادات في نشاطاتها وشركاتها التجارية داخل مصر وخارجها  تمهيدا للعرض علي السيد الرئيس شخصيا، كطلب سيادته، علي أن يولي هذا الموضوع سرية خاصة ودقة كاملة، وكان الإمضاء موقعا من السكرتير الخاص للسيد الرئيس عبدالوهاب زكي.
ثم أضاف صديقي العزيز: لقد تحرينا من كل هذه الجهات، ووجدناك سليما مائة في المائة.
وبعد ذلك فوجئت بالقبض عليّ بواسطة نيابة أمن الدولة، ووضعي تحت الحراسة: أموالي وأموال أسرتي وأولادي، وقدمت للمحاكمة بمحكمة أمن الدولة العليا التي حكمت ببراءتي وسلامة موقفي من كل هذه التهم.
وبعد إعلان براءتي، عدت بذاكرتي لواقعة مع مبارك وجها لوجه لتكشف عن نواياه السيئة المبيتة نحوي، فقبل دخولي السجن بشهر حضرت اجتماع لأعضاء مجلسي الشعب والشوري انعقد بمقر الجهاز المركزي للمحاسبات، وبعد انتهائه وأثناء خروج مبارك وأمام رئيس الوزراء وقتها د.فؤاد محيي الدين، وبعض القيادات، سألني: إيه آخر أخبار المشاركات والصفقات التجارية مع الأسرة السابقة؟.. عقبت: تقصد سيادتك الأسرة المالكة.. فتبسم بسخرية: بالطبع لا.. الأسرة «اللي قبلي».. وإنت عارف وأنا عارف.. قلت هذه معلومات غير صحيحة ياسيادة الرئيس، فتركني وانصرف.
وكرمني المغفور له الكاتب الكبير مصطفي أمين في عموده «فكرة» وكذلك الراحل موسي صبري، والأستاذ إبراهيم سعدة وغيرهم.

< استدعاك مبارك بعد عدة شهور.. ماذا قال لك؟
- بالفعل وكان ذلك عام 1981 حيث استدعاني مبارك للقائه في محافظة الغربية عند اجتماعه بالقيادات السياسية، حيث حضر لمسكني ضابط من المخابرات العامة اسمه (ميسرة)، واصطحبني إلي المحافظة للقاء الرئيس، واستقبلني حسني مبارك بمكتب المحافظ بعد الاجتماع وأخذني بالأحضان، وكنت «جافا» في اللقاء، فقال لي لماذا هذا الجفاء؟.. أجبته: مما فعلته معي، عقب مبارك: ماذا فعلت بك؟.. قلت: أدخلتني السجن، وفصلتني من عملي، ووضعت أموالي تحت الحراسة حتي أنصفني القضاء، فقال لي حسني مبارك: (حقك عليّ)، قلت له: (قبضنا) فضحك ضحكة كبيرة ثم قبلني في جبهتي ثلاث قبلات أمام الجميع وكان بينهم المحافظ فكري عبدالحميد، ووزير الداخلية عبدالحليم موسي.
ثم عقب مبارك قائلا: لقد قبلتك في جبهتك ولم أقبلك في أم رأسك، حتي لا يقال إن رئيس الجمهورية قبل رأسك، ثم نظر إليّ بحدة نظرة عميقة، وقال: (حقك عليّ يادكتور جامع.. منهم لله «اللي» وقعوني فيك وأعطوني بيانات خاطئة عنك تسببت في كل ما حدث، ثم قبلني مرة أخري، قلت له مرة أخري: (قبضنا) فاستغرق في الضحك، ثم سألني عن أولادي بالتفصيل، ثم سألني عن عملي فأخبرته بأنني فتحت عيادتي، وعرض عليّ مرة ثانية أن ألتحق بأي منصب أريده، فاعتذرت بأدب، واختتم اللقاء بهذه العبارة: (بيتي ومكتبي مفتوحان أمامك في أي وقت تريده)، ثم قال: أريد أن أسمع منك مرة أخري أنك سامحتني، فأخبرته بأنني سامحته، وشد علي يدي وظل ممسكا بها بشدة أوجعتني، من الدور الثاني بالمحافظة حتي ركوبه سيارته وانطلاقه بموكبه.
وستفاجأ السيدة جيهان السادات بهذه المعلومات التي أذكرها لأول مرة (لآخر ساعة) وقد ظلمتني في كثير من أقوالها، ولكنني أشكوها دائما إلي الله.
< عاصرت عهود رؤساء جمهوريات مختلفة لمصر.. ما هو تقييمك لكل رئيس منهم؟
- عبدالناصر حكم مصر كديكتاتور بلا مؤسسات، والسادات حكمها كديكتاتور بمؤسسات، وحسني مبارك كان موظفا بدرجة رئيس جمهورية، ومحمد مرسي لم يحكم أصلا، أما السيسي فقد استلم تركة مثقلة أعانه الله عليها لحل كل هذه المشاكل.

وأسأل الله للرئيس السيسي أن يعينه في مهمته الصعبة، وأن تترجم كل الأماني والقرارات التي اتخذت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وتدخل حيز التنفيذ.

No comments:

Post a Comment