Thursday, December 12, 2013

سبوبة التعليم الخاص

سبوبة التعليم الخاص  (د.منتصر دويدار)


مصر تقطع شرايينها بإهمالها وتجاهلها لملف التعليم الاساسي والتعليم الفني والجامعي، فالتعليم هو الشريان الذي يحمل دماء المعرفة والتكنولوجيا للاوطان فيمدها بأسباب التقدم والرفاهية والبقاء أيضا، وإذا اردنا أن نبدأ مشوار الالف ميل نحو التقدم المرجو والمأمول فأول خطوة في هذا المشوار تبدأ من إصلاح التعليم إصلاحا فعليا، لا كما يحاول للبعض إيهامنا بالإصلاح علي الورق وفي التقارير التي لا تمت للواقع بصلة ، و التعليم مسئولية الحكومة والحكومة وحدها، وحين تتخلي الحكومة بتقصيرها وإهمالها عن أهم مسؤلياتها في توفير التعليم الجيد الذي يسهم بشكل مباشر في تخريج جريجين مؤهلين لحمل أمانة بناء الأوطان وتطويرها والقدرة
علي الدفاع عن ترابها حال تعرضها للخطر من قبل أعدائها، وحين تعجز الدولة عن الوفاء بأهم مهامها وتسلم تجار الشنطة وراغبي الثراء الفج والفاحش والسريع دون أدني إعتبار لأي شئ، حين تسلمهم مفتاح التعليم في مصر فقل علي مستقبل هذا الوطن السلام، فهل يعقل أن يتم تسليم القط مفتاح الكرار. حين ارادت أيرلندا الجنوبية أن تلحق بركب التقدم الاوروبي بدأت بالتعليم، وحين خرقت كوريا الجنوبية ناموس الواقع لتحلق في فلك التقدم الرحب متفردة دون منازع لم يكن ذلك إلا نتيجة الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي فإستطاعت هاتين الدولتين ومن سار علي نفس الدرب من الدول الاخري أن يعوضوا ما فاتهم ويقتربوا رويدا رويدا من دول العالم المتقدم، فتفوقت أيرلندا في تصنيع شرائح الكمبيوتر وأصبحت تصدر منتجاتها إلي كافة دول العالم، وتمكنت كوريا الجنوبية من غزو العالم بمنتجاتها من الالكترونيات والسيارات وهي التي لا تملك من الموارد الطبيعية أي شئ فلا برميل نفط، ولا منجم معادن، ولكن هناك مناجم أفضل من الذهب وأغلي من الماس إكتشفتها الدولة الكورية وهي عقول أبنائها التي تم تنميتها وصقلها بالتعليم، وغرسوا فيها الإنتماء وحب الوطن الحقيقي، لا كما إبتلينا نحن بعشق بلدنا ولكن في الاغنيات وأمام الميكروفونات والكاميرات. ومن غرائب القول وأعجبه أن تسمع من المسئولين وتجار التعليم الجدد أن المؤسسات التعليمية الخاصة لا تهدف إلي الربح وهذا ما يضحك به تجار التعليم الجدد علي المسئولين عن العملية التعليمية وهو ما يضحك به المسئولين علي الحكومة وهو ما يضحك به الحكومة علي الشعب، ولكن الواقع يفصح وينطق ويفضح بغير ذلك، فمستوي التعليم ومستوي الخريج اصبح مشينا علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي، والقول بأن التعليم الخاص لا يهدف إلي الربح، كذب يصل إلي الفجور، والفجور لا عقاب له إلا النار، فأنا أعلم من خلال بعض الذين يعملون في هذا المجال أن الربح للمستثمر يصل إلي 45% سنويا، أي من يدفع مائة الف يحصل علي 45الف جنيه سنويا، أما الذي يستثمر ويدير فيصل الربح إلي 100% سنويا، وهذه التجارة لا تقل عن تجارة المخدرات، وفي غالبية الكليات والمعاهد الخاصة من يدير هو من يملك المال أو من ينوب عنه من أبنائه أو ذويه وذلك من خلف الستار وإن بدا غير ذلك، فعادة – ولشديد الاسف_ ما يتم إسناد الإدارة لشخصيات لديها الاستعداد لسماع وتنفيذ أوامر صاحب الحانوت (الدكان) دونما معارضة أو إبداء للرأي، وتقوم هذه الجامعات الخاصة بما تحويه من كليات ومعاهد علي محاولة الإيهام بأن هذه المؤسسة ذو مستوي راقي ويتم الإنفاق علي هذه المحاولات ببذخ، إذ يصل الانفاق إلي ما يصل إلي 30% من إنفاق هذه الكليات والمعاهد، وعادة ما يكون هذا عن طريق تستيف المسنتدات الورقية والحرص علي المظهر والشكل دون الاهتمام بالمضمون وجودة الخريج، ولا يٌستعد تقديم الرشاوي لمن بيده المنح أو المنع، كما يتم الحصول من الطالب علي مبالغ كبيرة للكتب الدراسية تصل إلي 2000 جنيه سنويا ويتم تسليمها في وقت متأخر أو لا يتم تسليمها، كما يتم تحصيل مبلغ تأمين معامل في الكليات العملية قيمتها 2000 جنيه ولا تسترد، وفي حالة حدوث أي تلف أو كسر في الادوات والمعدات يتم تغريم الطالب بمبالغ مضاعفة كما يتم الإستقطاع من مستحقات المنتدبين بأي وسيلة لتقليل النفقات، وفي نهاية المطاف تقوم هذه الدكاكين بلفظ وتقيؤ منتجاتها المعيبة إلي السوق ليزداد سوء علي سوء وضعفا علي ضعف، ويزداد نزف الوطن. وأقول لتجار التعليم الجدد الذين يبحثون عن الربح السريع والمضمون بأقل مجهود وبأقل مخاطرة وبأقل ضمير ايضا، اتقوا الله في الوطن، فمن حقكم أن تبحثوا عن الربح، وتذودوا ملايينكم لتصبح مليارات ولكن رجاء إبعدوا عن التعليم... الوضع جد خطير، وإن لم تفق الحكومة الحالية و القادمة وبعد القادمة ويفتحوا هذا الملف ويقدموا حلولا غير تقليدية لوصل بنا الحال إلي كارثة محققة وحينها لا نلوم إلا أنفسنا.





No comments:

Post a Comment