Friday, October 23, 2015

خيارات حزب النور ومستقبله السياسي>>>>>>>>جمال سلطان فى المصريون..........راى جرىء


خيارات حزب النور ومستقبله السياسي>>>>>>>>جمال سلطان فى المصريون





لا أختلف مع الدكتور يونس مخيون أو الشيخ ياسر برهامي على أن الانتخابات لم تكن نزيهة ، فلا يوجد فرص متكافئة ، كما لا أختلف معهما على أن الحملة الإعلامية ضد الحزب كانت غير شريفة وبالغة العنف وأن إعلام الدولة الرسمي شارك فيها ، ولكني أختلف معهما في تحميل الخسارة الفادحة على هذا الأمر وحده ، فمثل تلك الحملة كانت حاضرة وبقوة وبنفس الاتهامات تقريبا في انتخابات 2011 التي فاز فيها الحزب بربع مقاعد البرلمان تقريبا ، عندما كان يمثل الحالة السلفية وأحلامها وطموحاتها ، هناك أسباب أخرى قطعا كانت سببا في خسارة الحزب وتراجع أدائه هذه المرة ، وبدون متاهات افتراضية ، فإن موقف الحزب من بيان 3 يوليو الذي أطاح بمرسي وما تلاه من أحداث كان السبب المباشر في خسارة الحزب لتلك الانتخابات وأي انتخابات أخرى تجرى ، لأن قاعدة الحزب الأساسية كانت في التيار الإسلامي ، والقطاع المتدين في المجتمع وهو غالبيته ، وهذا القطاع ينظر حاليا بسلبية شديدة إلى حزب النور ، ويعتبر أنه خان "التيار الإسلامي" عندما شارك في الإطاحة بمحمد مرسي ونظامه ، كما أن الحزب أخطأ كثيرا ـ بحكم قلة الخبرة ـ في عدم الحفاظ على مسافة كافية من السلطة المغضوب عليها من هذا القطاع ، وتماهى معها كثيرا في معظم مواقفها السياسية إن لم يكن كلها ، وبعضها كان يصعب الدفاع عنها فيها بأي وجه سياسي أو إنساني ، فأصبح الحزب في منظور الإسلاميين جزءا من منظومة السلطة ويحمل كل موبقاتها وسوءاتها في نظرهم ، وقد كان بوسعه أن يحافظ على مسافة سياسية تحفظ له استقلاليته دون أن يخسر قبول السلطة ، وأن يكون له مواقف مسئولة ومعارضة ، خاصة في قضايا الحريات والمظالم والانتهاكات التي تعرض لها كثيرون خاصة من أبناء التيار الإسلامي ، إلا أنه آثر الصمت تجاهها ، ولم يستفد منها كفضاء سياسي جيد لاستعادة جانب من شعبيته التي فقدها .



الأمر الذي لم ينتبه له كثيرون ، أن خسارة حزب النور هي خسارة سياسية أخرى للسيسي نفسه ، لأنه جزء من رهانه ، وما حدث ربما يقوي الجناح الرافض للحزب في السلطة الحالية وأجهزتها ، والذي يرى أن الرهان عليه كان في غير محله وأنه فشل في أن يكون "بديلا" في الحالة الإسلامية ، غير أن القدر المتيقن منه أن السيسي ليس في وارد التخلي عن حزب النور ، لأنه ما زال بحاجة إلى تلك "الرمزية" ، حتى لو ضعف وهجها أو ثبت قلة حضورها في الحالة السياسية والحالة الإسلامية على حد سواء .

حزب النور لن ينسحب من الانتخابات ، رغم كل تلك الضجة ، كما أنه لن ينسحب من العمل السياسي ، لأن تكاليف الانسحاب في الحالتين أكبر من قدرته على تحملها ، وخاصة أن الحزب يمثل مظلة حماية لكوادر في الحالة السلفية من موجة العصف المجنونة والتي تستبيح كل شيء الآن ، ونجاح الحزب في تحقيق أي اختراق للبرلمان الجديد ، ولو بعدد محدود من المقاعد سيكفي لحفظ موقعه في الخريطة السياسية ، خاصة وأنها خريطة بلا أحزاب حقيقية تقريبا ، والأداء الضعيف كان للجميع وليس للنور وحده ، ولا يصح مقارنته في القوائم بقائمة "في حب مصر" لأنها تمثل مجموعة أحزاب وليس حزبا واحدا.

ولكني أتصور أن النتائج قد تفرض على الحزب تقليص دوره في الحياة السياسية في المرحلة المقبلة ، بإرادة ذاتيه ، وإعادة إحياء دور "الدعوة السلفية" الاجتماعي والدعوي والتربوي ، وأعتقد أن الحزب قد يفكر في الدفع بوجوه جديدة شابة لقيادته في المرحلة الجديدة ، وانسحاب القيادات "السلفية" المعروفة من الواجهة ، وعودتها لدورها الدعوي ، لأن المنطق السياسي يدعو لتحملها مسئولية الخسارة الكبيرة ، سواء في الانتخابات أو الأداء السياسي بشكل عام ، كما أن النتائج ، رغم كل شيء ، تؤكد على أن حزب النور يتقلص دوره وقدراته ، وأنه بقياداته الحالية وتاريخه القصير لم يعد مؤهلا لتحقيق اختراق جديد في الحالة الإسلامية ، وخاصة الحالة السلفية ، فهو حزب بلا مستقبل حقيقي الآن ، وربما ولد من رحمه حزب جديد أو قوة سياسية جديدة تنقل الحالة السلفية نقلة جديدة .

لكن يحسب لحزب النور ، بعيدا عن الأخطاء السياسية ، أنه عبد الطريق أمام التيار السلفي للمشاركة السياسية ، ومنح الأجيال الجديدة خبرة عملية حقيقية كان من الصعب أن يتحصل عليها السلفيون في ذلك المدى الزمني القصير ، كما منح التيار الإسلامية تعددية سياسية كان يفتقدها منذ نشأته في مصر قبل أكثر من ثمانين عاما ، حيث كان الإخوان يحتكرون المشاركة السياسية ، فأصبح أمام الإسلاميين الآن ومستقبلا بدائل سياسية سلمية لكل منها خبراته ومناهجه ، كما أن هذه التعددية التي نجح في توليدها حزب النور بتجربته القصيرة ، تعطي ثراء حقيقيا للحالة السياسية في مصر ، وهو ثراء سيدرك الجميع قيمته وإيجابياته فيما بعد ، بعد زوال الارتباك الحالي والتجاذبات المشحونة بالقلق أو المرارة ، وبعد استعادة الشعب لمساره الديمقراطي الصحيح .

No comments:

Post a Comment